الآخرة العذاب المعدّ للكافرين وفي الدّنيا أيضا لمن يريد أن يستصلحه بما ينزل به من عذاب الاستصلاح لينبّهه لطاعته أو من عذاب الاصطلام ليعيره إلى عدله وحكمته (١).
أقول : عذاب الاستصلاح هو ما يبتلى به العبد ممّا يراد به صلاح حاله وعوده إلى القيام بوظائف العبوديّة أو بما يتعقّبه ذلك كما قال : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) (٢) الآية.
وهذا إنّما يكون فيمن يرجى منه الخير ايضا لأنّ الختم ليس من نهايات الحجب كما نبّهنا عليه ، والاصطلام هو الاستيصال بالخسف والمسخ والقتل وساير اسباب الموت وسائر الابتلاءات الّتي هي العقوبات المعجّلة ، وإيثار اللام للتهكّم كقوله : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣) ولوقوعه موقع النفع الّذي هو ثمرة الأعمال.
تفسير الآية (٨)
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ)
شروع في ذكر أحوال المنافقين (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ ، وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) بعد الفراغ من شرح أحوال المؤمنين الّذين (أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ) في آيات إلى أن ختم لهم بالفلاح والفوز بالنّعيم وعن شرح احوال أضدادهم الّذين هم أهل الكفر والجحود والعناد في آيتين إلى أن ختم لهم بالعذاب العظيم فثلّثهما بالمذبذبين بينهما
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي ج ٢ ص ٢٦٠ عن الإمام العسكري عليهالسلام.
(٢) البقرة : ١٥٥.
(٣) آل عمران : ٢١.