المنافقون من الناس
بل في كتاب المناقب لأحمد بن مردويه بالإسناد عن أبي ذرّ والمقداد وسلمان رضوان الله عليهم قالوا كنّا قعودا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما معنا غيره إذ أقبل ثلاثة رهط من المهاجرين البدريين فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يفترق أمّتي بعدي ثلاث فرق فرقة أهل حقّ لا يشوبونه بباطل مثلهم كمثل الذّهب كلّما فتنته النّار ازداد طيبا وإمامهم هذا لأحد الثلاثة وهو الّذي ذكر الله تعالى في كتابه : (إِماماً وَرَحْمَةً) ، وفرقة أهل الباطل لا يشوبونه بحقّ مثلهم كمثل خبث الحديد كلّما فتنته النّار ازداد خبثا ونتنا وامامهم هذا لاحد الثلاثة ، وفرقة أهل الضّلال مذبذبين (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) امامهم احد الثّلاثة قال فسألته عن أهل الحقّ وامامهم فقال عليّ بن أبي طالب إمام المتّقين وأمسك عن الإثنين (١).
وامّا للعهد اشارة إلى أنّ الكفّار المصرّين الّذين مرّ ذكرهم بناء على اشتراكهم مع هؤلاء في الكفر وجحود الحقّ والإصرار على الباطل وشدّة العقوبة والخلود في النّار كما تواترت به الأخبار وإن اختصّوا من بينهم بالنفاق وتمويه الباطل ومنع الحقّ عن أهله وإزالة عمود الدّين عن مقرّه.
و (من) في (مِنَ النَّاسِ) على الوجهين للتّبعيض وفتح نونها عند التقاء السّاكنين للخفّة واستثقال توالي الكسرتين.
وأمّا (من) فعلى الأوّل موصوفة كانّه قيل : ومن النّاس ناس يقولون كذا كقوله : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ) (٢) وعلى الثّاني ، موصولة كقوله : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٢٨ ص ١٠ مع تفاوت يسير.
(٢) الأحزاب : ٢٣.