وانّ المنافق مؤمن الظّاهر كافر السّريرة فاخراجهم من عداد المؤمنين دليل على فساده كما نبّه عليه في «المجمع» (١) أيضا وأمّا ما ذكره ثانيا فهو كما ترى.
تفسير الآية (٩)
(يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا)
(يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) (٢) تعليل للحكم السابق وتفصيل لفظايع أعمالهم وشنايع أحوالهم ، فوصفهم أوّلا بما يكشف عن تمويههم الكفر في إظهار إيمانهم يقال : خدعه كمنعه خدعا بالفتح والكسر : أوهم صاحبه خلاف ما يريد به من المكروه على غرّة وغفلة ، من قولهم : ضبّ خادع وخدع إذا أمرّ الحارش (٣) يده على باب جحره أوهمه إقباله عليه ثمّ خرج من باب آخر ، وأصله الإخفاء ومنه المخدع بالتثليث للخزانة ، والأخدعان لعرقين خفيّين في موضع الحجامة ، وخدعت الضباب استرت وتغيّبت في حجرتها لأنّهم طلبوها ومالوا عليها للجدب الّذي أصابهم ، لكنّه غلب عرفا على صفة فعليّة قائمة بالنفس عقيب استحضار مقدّمات في الّذهن يتوصّل بها توصّلا مستقبحا إلى استجرار منفعة لنفسه ، أو إصابة مكروه بغيره مع خفائهما على الموجّه نحوه القصد ، بحيث لا يتأتّى ذلك النّيل أو الإصابة بدونه ، وهي من الصفات الذّميمة الّتي تجرّ بصاحبها إلى النّار.
قال مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام لولا أنّ المكر والخديعة في النّار لكنت أمكر النّاس (٤).
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٤٦.
(٢) البقرة : ٩.
(٣) الحارش : الصائد.
(٤) الكافي ج ٢ ص ٣٣٦ وعنه البحار ج ٧٥ ص ٢٨٦.