وموتها جهلها ، ومرضها شكّها ، وصحّتها يقينها ، ونومها غفلتها ، ويقظتها حفظها (١).
المراد بالمرض في قلوب المنافقين
وبالجملة الأمراض القلبية أصعب الأمراض ، وأشدّها نكاية ، وأسوأها إهلاكا لأنّها تورث الهلاك الأبدي في الدّنيا والآخرة ، ولذا عبّر عنهم بالأموات في كثير من الآيات ، والمرض الراسخ في قلوبهم إنّما هو العناد للحقّ ، والحسد لأهله ، وحبّ الرّياسات الباطلة الناشية عن النّفاق والشكّ.
وفي التّعبير بالجملة الظرفيّة دلالة على تمكّنه واستقراره في قلوبهم.
(فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) لأنّ الله سبحانه لفيضه الشامل وجوده الكامل لا يزال يمدّهم بالفيوض الرّحمانية ، وينزّل عليهم من الخزائن الغيبيّة ما يستمرّ به ذواتهم وصفاتهم وقويهم ووجودهم ومشاعرهم وحواسهم وغير ذلك ممّا يصلح صرفه في الطّاعة وفي المعصية ، فإن اختاروا صرفها في تحصيل الطّاعة وطلب القرب فقد فازوا بها وازدادوا ايمانا مع ايمانهم ، وإن اختاروا صرفها في تحصيل المعصية وطلب البعد عن ساحة قربه ورضوانه ، فما كان الله ليجبرهم على الطّاعة ، أو يقسرهم عن المعصية ، أو يسلب عنهم الإختيار أو يحول بينهم وبين الآلات والأدوات وسائر الأسباب كي يئول أمرهم إلى الاضطرار (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) (٢) ، ولذا يكون آلاؤه ونعماؤه أسبابا صالحة لكلّ من الطّاعة والمعصية.
ومن هنا يتّضح الوجه في ما ورد من أنّ مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام نعمة الله
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٦١ ص ٤٠ عن التوحيد ص ٢١٩.
(٢) البقرة : ٢٥٦.