نحو بيّن الشيء ، وموّتت الآبال ، (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) (١) ، أو من كذّب عن أمر قد أراده ، إذا أحجم ولم يقدم ، لأنّهم نكثوا البيعة ، ونقضوا الصفقة ، أو من كذّب الوحشي إذا جرى شوطا فوقف لينظر ما ورائه ، لتردّد المنافقين ، وتحيّرهم في أمر الدين وفي صرف الولاية عن أمير المؤمنين عليهالسلام.
تعريف الكذب
اعلم أنّ الكذب هو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه ، وهو من جنود الجهل. كما أنّ الصدق الّذي هو مطابقة الخبر للواقع ، أو لاعتقاد المخبر ، أولهما ، من جنود العقل ، وتقابل الكذب له تقابل العدم والملكة ، لأنّه عدم الصدق عمّا من شأنه الصدق ، والكذب قد يكون صادرا لمصلحة دينية أو دنيوية مجوّزة له شرعا ولا بأس به ، بل قد لا يسمّى كذبا.
عن الصادق عليهالسلام : الكلام ثلاثة : صدق ، وكذب ، وإصلاح بين الناس ، قال : تسمع من الرجل كاملا لو بلغه لضاقت نفسه ، فتقول : سمعت من الفلان قال فيك الخير كذا وكذا ، خلاف ما سمعت منه (٢).
وفي خبر آخر عنه عليهالسلام : المصلح ليس بكذّاب (٣).
وقد يكون صادرا لغير ضرورة مسوّغة ، وهو من اسباب الفسق ، وقد يكون صادرا عن الملكة والانطباع عليه ، وإليه الإشارة بالنبوي : إنّ الكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار ، وانّ الرجل ليكذب حتّى يكتب عند الله كذّابا (٤).
__________________
(١) سورة يوسف : ٢٣.
(٢) بحار الأنوار ج ٧٢ ص ٢٥١ عن الكافي ج ٢ ص ٣٤١ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.
(٣) البحار ج ٢٥ ص ٢٩٢.
(٤) البحار ج ٧٢ ص ٢٥٩ عن الأمالى للصدوق ص ٢٥٢ وفيه : ما يزال أحدكم يكذب حتى لا يبقى في قلبه موضع أبرة صدق فيسمّى عند الله كذّابا.