أو إنكار ما ينسب إليهم من النفاق ، وإيلاف الكفّار ، ومعاندة أهل الحقّ ، كما قالوا : آمنّا ولم يؤمنوا.
تفسير الآية (١٢)
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ)
(أَلا إِنَّهُمْ) (١) اعلموا أنّ هؤلاء المنافقين المصرّين على كفرهم الذين يعدّون الفساد صلاحا (هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) تكذيب من الله لهم وردّ على ما ادّعوه أبلغ ردّ بحيث لا يرجى نجاتهم ، لانهماكهم في غيّهم وضلالهم وعدم شعورهم بذلك ، أو بما يستحقّونه من العذاب الأليم ، فإنّهم يحسبونه (هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ).
وكلمة (أَلا) حرف استفتاح يبتدأ به الكلام لتوكيد مضمون الجملة ، مركّب من همزة الإنكار ، وحرف النفي ، والإنكار نفي ، ونفي النفي إثبات ، ركّبتا لإفادة الإثبات والتحقيق ، ونظيره (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) (٢) إذا لا يجوز للمجيب إلّا الإقرار ببلى ، لكنّهما بعد التركيب صارتا كلمة تدخل على ما لا يجوز أن يدخله حرف النفي ، كما في الآية ، ولا تكاد تذكر إلّا والجملة بعدها مصدّرة بما يتلقّى به القسم ، كإنّ ، واللام ، وحرف النفي.
ففي الآية وجوه من المبالغة كتصدير الجملة بها وبإنّ المقرّرة لمضمونها والاستيناف ، فإنّ العدول اليه من العطف يقصد به تمكّن الحكم في ذهن السامع ،
__________________
(١) البقرة : ١٢.
(٢) سورة القيامة : ٤٠.