والإستدراك بلا يشعرون الدّال على أنّ كونهم مفسدين ، أو استحقاقهم لعظيم العقوبة قد ظهر المحسوس ، لكن لا حسّ لهم ليدركوا ذلك ، إذ (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها ، وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها).
وتعريف الخبر ، وتوسيط الفصل على أحد الوجهين يجعل الضمير له وإن قيل : إنّ الأوّل منهما يفيد قصر المسند على المسند إليه ، والثاني يفيد تأكيد هذا الحصر ، نحو زيد العالم ، إلّا أنّه قد يفيد العكس أيضا بقرينة المقام نحو الكرم التقوى ، فيؤكّده الفصل أيضا ، مع ما فيه من ردّ قولهم : (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) ، تعريضا على المؤمنين.
تفسير الآية (١٣)
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا)
(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) لهؤلاء الناكثين للبيعة ، قال لهم خيار المؤمنين كسلمان ، وابي ذرّ ، ومقداد : (آمِنُوا) برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبعلي الّذي أوقفه موقفه ، وأقامه مقامه ، وأناط مصالح الدين والدنيا كلّها به ، آمنوا بهذا النبي ، وسلّموا لهذا الإمام ، وسلّموا له في ظاهر الأمر وباطنه.
(كَما آمَنَ النَّاسُ) المؤمنون كسلمان ، والمقداد ، وأبي ذرّ ، وعمّار ، (قالُوا) في الجواب لمن يفيضون إليهم ، لا لهؤلاء المؤمنين ، فإنّهم لا يجسرون على مكاشفتهم بهذا الجواب ، ولكنّهم يذكرون لمن يفيضون إليه من أهليهم الذين يثقون بهم من المنافقين ومن المستضعفين او المؤمنين الذين هم بالستر عليهم واثقون بهم ، يقولون لهم : (أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ) يعنون سلمان وأصحابه لما أعطوا عليّا خالص ودّهم ، ومحض طاعتهم ، وكشفوا رؤسهم بموالاة أوليائه ومعاداة