توافقون المؤمنين وتدّعون الإيمان؟ فأجابوا بذلك.
ولظهور المجرى للسؤال في المقام وكون الجملتين على وجه الاستيناف مقصودتين ، مع ما فيه من البيان والتقرير كان ذلك أولى من جعل الجملة تأكيدا للسابقة نظرا إلى أنّ قوله : (إِنَّا مَعَكُمْ) معناه الثبات على الكفر ، وهذه ردّ للإسلام ودفع له منهم ، لأنّ المستخفّ بالشيء دافع لكونه معتدّا به ، ودفع نقيض الشيء تأكيد لثباته ، أو بدلا منها حيث عظّموا كفرهم بتحقير الإسلام وأهله.
بل أفادوا أمرا زائدا على مجرّد المصاحبة والموافقة ، وهو قيامهم مع المؤمنين مقام المستهزئ المستخفّ بهم وبالدين ، تنبيها على أنّهم في غيّهم وضلالهم أرسخ قدما من شياطينهم ، ودفعا لما يوهمه ظاهر إقرارهم.
ولذا خاطبوا المؤمنين بالجملة الفعليّة الدالّة على دعوى حدوث الإيمان وخاطبوا الشياطين بالجملة الاسميّة المؤكّدة بإنّ ، تحقيقا لثباتهم واستقرارهم على ما كانوا عليه من الكفر والنفاق ، فهم في الخطاب الأوّل بصدد الإخبار بحدوث الإيمان منهم ، ولا باعث لهم على التأكيد.
معنى الاستهزاء
والاستهزاء : السخرية والاستخفاف من الهزء بالفتح ، وهو القتل السريع ، وهزأ يهزأ بالفتح فيهما : مات على المكان ، وهزأت واستهزأت بمعنى ، ورجل هزأة بسكون الزاي اي يهزء به ، وبفتح الزاي اي يهزأ بالناس.
والأكثر على تحقيق الهمزة في (مُسْتَهْزِؤُنَ) وعن سيبويه تخفيفها بين بين ، وهكذا كل همزة مضمومة إذا كان قبلها كسرة ، وعن الأخفش قلب الهمزة ياء في المقام ونحوه لأجل الكسرة الّتي قبلها ، وهنا وجه آخر وهو حذف الهمزة وضمّ ما قبلها ، قرأ بها أبو جعفر وقفا ووصلا.