القراءة
في (يَمُدُّهُمْ)
وأمّا اشتقاقه في المقام من المدّ في العمر بمعنى الإملاء والإمهال فقد بالغ الزمخشري في الردّ على من ذكره نظرا إلى قراءة ابن كثير وابن محيصن : «ويمدّهم» بضمّ الياء ، وقراءة نافع : وإخوانهم يمدّونهم (١) بضم الياء ، وقول الحسن في تفسيره : في ضلالتهم يتمادون وأنّ هؤلاء من أهل الطبع على أنّ الّذي بمعنى أمهله إنّما هو مدّ له مع اللام ك (أُمْلِي لَهُمْ).
ثمّ ذكر أنّه قد استجرّهم الى ذلك خوف الإقدام على أن يسندوا إلى الله ما أسند إلى الشياطين (٢) ، ثمّ طعن فيهم بما ليس عنه ببعيد.
والحقّ أنّ اصل المعنى هو ما سمعت ، ومنه مدّ في العمر ، فإنّ قوام الوجود للإنسان بالحياة الّتي تنقضي شيئا فشيئا ، فإذا استمرّ وصول مدد البقاء إليه دام وجوده ، وإلّا انصرم عمره ، وهذا كقولك : مددت السراج إذا أصلحته بالزيت.
وأمّا القراءتان فليست فيهما شهادة لاشتراك الإمداد للمدّ في معنى الإمهال كما صرّح به في القاموس ، وغيره.
وتفسير الحسن على فرض اعتباره إنما هو باعتبار ما يئول اليه أمرهم بعد الإملاء والتمادي في الغيّ ، ولذا قرنه بكونهم من أهل الطبع ، وتعديته باللام ليس على الدوام ، مع أنّه قد يقال : أصله يمدّ لهم ، على الحذف والإيصال ، وأمّا المحذور فمندفع على الوجهين ، والطغيان بالضم والكسر مجاوزة الحدّ في الكفر والعلوّ في العتوّ من قولك : طغى الماء يطغى إذا تجاوز الحدّ والبحر هاجت أمواجه.
__________________
(١) لقمان : ٢٧.
(٢) الكشّاف ج ١ ص ١٨٨.