باختلاف المحلّ ، فتصير نعمة لقوم بحسن اختيارهم وقبولهم وشكرهم ، ونقمة لآخرين بخذلانهم وإنكارهم وكفرهم ، فالمادّة واحدة فالصور مختلفة ، وذلك كالمداد الّذي يصلح وهو في الدّواة للكتابة كلّ من الخير والشرّ ، ومادّة الهواء المستنشق الصالحة لجميع الأضداد ، والقطر النازل الموجب لنموّ كلّ من السّكر والحنظل ولنعم ما قيل :
أرى الإحسان عند الحرّ دينا |
|
وعند النذل منقصة وذمّا |
كقطر الماء في الأصداف درّ |
|
وفي جوف الأفاعي صار سمّا |
وحيث إنّ المدد قائم به قياما صدوريّا يصحّ نسبة الفعل اليد سبحانه مع إضافة الطغيان والعمه إليهم لانهماكهم فيه وعكوفهم عليه بالإرادة والإختيار ، فارتفع الأشكال من البين ، واتّضح الأمر بين الأمرين.
أو أنّه سبحانه يمدّهم في حال طغيانهم استصلاحا لهم ، وهم مع ذلك لا يرعوون عن غيّهم ، فهم يعمهون في ضلالتهم.
أو أنّه يمدّهم حال كونهم يعمهون في طغيانهم.
تفسير الآية (١٦)
(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى)
أو أنّه يمدّ لهم في أعمارهم استدراجا (مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) ... (لِيَزْدادُوا إِثْماً) أو استصلاحا كي يتنبّهوا ويطيعوا ، فما زادوا إلّا طغيانا وعمها ، والمعاني متقاربة وان كان الأخير هو الظاهر من قول الإمام عليهالسلام حيث قال في تفسيره : يمهلهم ويتأنى بهم برفقه ، ويدعوهم إلى التّوبة ، ويعدهم إذا أنابوا المغفرة ، وهم يعمهون لا يرعوون عن