وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله في المسجد والناس مجتمعون بصوت عال : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) (١) فقال له ابن عباس يا أبا الحسن لم قلت ما قلت؟ قال : قرأت شيئا من القرآن ، قال : لقد قلته لأمر قال : نعم إنّ الله يقول في كتابه : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (٢) أفتشهد على رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه استخلف أبا بكر؟ قال ما سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله أوصى إلّا إليك قال : فهلّا بايعتني؟ قال : اجتمع الناس على أبي بكر فكنت منهم ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه كما اجتمع أهل العجل على العجل هاهنا فتنتم ، ومثلكم (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ)(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٣).
تفسير الآية (١٨)
(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)
(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) من تمام المثل فالمبتدأ ضمير عائد إلى المستوقدين ، وذلك أنّه لمّا وصفهم بكونهم متروكين (فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) أراد أن ينبّه أنّ ذلك ليس لفقد البصر ، ولا لمجرد الظلمة الطّارية ، بل لمّا أذهب الله بنورهم (تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ) هائلة مدهشة موحشة بحيث اختلّت حواسهم وسلبت قواهم ، فاتّصفوا بالصفات الثلاثة على وجه الحقيقة ، وانتفت عنهم الإدراكات لفقد الآلة أو بيان لحال
__________________
(١) سورة محمّد صلىاللهعليهوآله : ١.
(٢) الحشر : ٧.
(٣) تفسير القمي ج ٢ ص ٣٠١ وعنه نور الثقلين ج ٥ ص ٣٦.