الممثّل له كما هو الأظهر وهو المستفاد من تفسير الإمام عليهالسلام على ما مرّ بل هو المتعيّن على أحد الوجهين من استيناف قوله : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) ، والمراد ثبوتها لهم في الدنيا حيث سدّوا مسامعهم عن الإصغاء إلى الحقّ ، وأبوا أن ينطقوا به ألسنتهم ، وأعرضوا عن النظر في الآيات والتّدبّر فيها والاتّعاظ بها إلى أن ختم على قلوبهم وسمعهم وغشّي على أبصارهم ، فانتفت عنهم المشاعر الإيمانية ، وإن قويت فيهم المشاعر الجسمانيّة كما قال (وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (١) (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢) (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها) (٣) وفي الآخرة حيث يردّون إلى ظلمات أحكام الآخرة على ما في تفسير الامام عليهالسلام.
صمم المنافقين ووجه التشبيه
قال : (صُمٌ) يعني يصمّون في الآخرة وفي عذابها ، (بُكْمٌ) يبكمون هناك بين أطباق نيرانها ، (عُمْيٌ) يعمون هناك قال : وذلك نظير قوله عزوجل (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) (٤).
وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام في رسالته إلى أصحابه الّتي أمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها وفيها : وكفّوا ألسنتكم إلّا من خير ، وإيّاكم أن تذلقوا ألسنتكم بقول الزّور والبهتان والإثم والعدوان ، فإنّكم إن كففتم ألسنتكم عمّا يكره الله ممّا نهاكم عنه كان خيرا لكم عند ربّكم من أن تذلقوا ألسنتكم به فان ذلق اللّسان
__________________
(١) الأعراف : ١٩٨.
(٢) الحجّ : ٤٦.
(٣) الأعراف : ١٧٩.
(٤) الإسراء : ٩٧.