تفسير الآية (٢٠)
(يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ)
(يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) استيناف ثان كأنّه أجيب به عمّا ربما يسئل عنه من حالهم مع ذلك البرق أو تلك الصواعق ، وكاد في الأصل فعل من كدت يكاد كيدا ومكادة مثل هبت يهاب ، وعن الأصمعي : كودا بالواو ، فيكون نحو خفت يخاف خوفا ومخافة ، وربّما يحكى مجيء يكود كيقول أيضا وضعت كمرادفاتها لمقاربة الخبر من الوجود لعروض سببية الغير التام بفقد شرط أو شطر أو طروّ مانع ، وليست فيها شائبة الإنشاء ، ولذا جاءت متصرفة كسائر الأفعال بخلاف عسى الموضوعة لإنشاء الرجاء ، ولذا لم تأت إلّا ماضيا وشرط خبرها أن يكون فعلا مضارعا والتجريد عن أن الدالّة على الاستقبال فيها أكثر ليوكّد القرب بالدلالة على الحال.
والخطف : الأخذ بسرعة ، يقال : خطف يخطف من باب سمع وضرب ، وإن كان الأوّل أكثر وأفصح ، بل في «المجمع» (١) : أنّ عليه القراءة ، لكن في «الكشّاف» (٢) عن مجاهد بكسر الطاء والفتح افصح وأعلى ، وعن ابن مسعود : يختطف ، وعن الحسن : يخطف بفتح الياء والخاء ، وأصله يختطف فنقلت فتحة التاء الى الخاء ثمّ أدغمت في الطاء ، وعنه أيضا : يخطّف بكسرهما على إتباع الياء الخاء المكسورة لالتقاء الساكنين حيث سكنت الطاء للادغام ، وعن زيد بن علي : يخطّف من خطّف ، وعن أبيّ : يتخطف من قوله : (وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) (٣).
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٥٨.
(٢) الكشاف ج ١ : ص ٢١٩.
(٣) العنكبوت : ٦٧.