ذلك الرّجلان إذا اظلم البرق عليهما (١).
ثمّ أنّه قد ظهر ممّا مرّ أنّ الثاني من التمثيلين أبلغ لأنّه أدلّ على فرط الحيرة وشدّة الأمر ولذا استحقّ التأخير ، فانّهم يتدرّجون في مثل ذلك من الأهون إلى الأغلظ ، بلا فرق بين أن يكون المثلان للصّنفين من المنافقين بان يشبّه بعضهم بأصحاب النار وبعضهم باصحاب المطر على حدّ أو في قوله : (قالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) (٢) أو لحالتي الضعف والشدّة لكلّ منهم ، وللترقّي من الأضعف إلى الأشدّ على أن يكون أو بمعنى بل كقوله : (إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (٣)
أو لمجرّد التسمية على ما مرّت إليه الإشارة.
تفسير الآية (٢١)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) افتتاح لتوجيه الخطاب على وجه الالتفات إلى عامّة المكلّفين سعيدهم وشقيّهم ، بعد عدّ أصنافهم وتقسيمهم الى اهل الإيمان والكفر والنّفاق والكشف عن حقيقة أحوالهم ومراتبهم ودرجاتهم وما يئول إليه أمرهم.
وذلك للاهتمام بأمر العبادة وسببيّتها لنيل السّعادة ، وفخامة شأنها وعلوّ قدرها.
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٥٧ ـ ٥٨.
(٢) البقرة : ١٣٥.
(٣) الصافات : ١٤٧.