الاستدلال بالآية على تسطّح الأرض
وسكونها ليس صحيحا
ربما يستدلّ بهذه الآية مرّة على أنّ الأرض ليست كرة بل هي مسطّحة إذ الظاهر من كونها فراشا انبساطها وأما الجسم الكروي فليس له هذا الإنبساط لعدم استواء سطحه ، واخرى على كونها ساكنة إذ لو كانت متحرّكة لم تكن فراشا وقرارا ومهادا قال الله سبحانه : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) ، (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) (١) ، (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً) (٢).
والحقّ أنّه لا دلالة فيها على أحد الأمرين إذ لا خلاف في أنّ الأرض ليست كرة حقيقيّة ، وانّما البحث في الكروية الحسيّة ومن البين أنّ كرويّة الأرض بجملتها لا ينافي امتنانه سبحانه بجعلها فراشا للنّاس ومهادا لهم فانّها لعظم سطحها واتّساع محيطها لا يكاد يظهر أثر الاحديداب على سطحها ، ولذا ربما ينكر كرويّتها في بادي النظر والتأمل أكثر العوام ، بل وبعض الخواص بل قد يقال : إنّ القول بكرويتها منسوب إلى المنجّمين ولا يوافقهم عليه الفقهاء وساير أهل الشرع بل ينكرونها ، وانّ ما ذكروه في إثبات كرويتها لا يثمر ظنّا بذلك نقلا عن القطع ، إلّا أن الاعتبار القبيح قاض بعدم التامّل في كرويتها لما استدلّوا به من طلوع الكواكب وغروبها في البلاد الشرقيّة قبل طلوعها وغروبها في الغربيّة بقدر ما تقتضيه أبعاد تلك البقاع من الجهتين على ما علم من أرصاد كسوفات وخسوفات بعينها في بقاع مختلفة الأطوال متّفقة العروض ، فانّ ذلك ليس في ساعات متساوية البعد من نصف النّهار ،
__________________
(١) النمل : ٦١.
(٢) النبأ : ٦.