الجميع أو مطلقا كما في الشمس ولنا معهم مباحثات ومناظرات في ذلك وسنقصّها عليك عند تفسير قوله تعالى : (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) ، و (السَّماءَ بِناءً) (١) هو في الأصل مصدر سمّي به المبنيّ من حجر أو مدر أو شعر أو وبر ، أو أديم أو غيرها وإن خصّ كلّ منها باسم كالبيت والقبة والخباء والطّراف ونحوها.
وعن الزجّاج (٢) : كلّ ما علا الأرض فهو بناء ، وأبنية العرب أخبيتهم ، ومنه : بنى على امرأته ، لأنّهم كانوا إذا تزوّجوا ضربوا عليها خباء جديدا ، ولذا يعدّى «بعلى» ، وقد يضمّن معنى أعرس فيعدّى بالباء.
قال ابن دريد (٣) وغيره : بنى عليها وبنى بها ، والأوّل أفصح.
والمعنى على ما في تفسير الامام عليهالسلام أنّه جعلها سقفا محفوظا يدير فيها شمسها وقمرها وكواكبها مسخّرة لمنافعكم (٤).
المراد بالسماء ومنافعها للإنسان
ويظهر منه مضافا إلى ما يقتضيه مساق الآية من الامتنان وإقامة للبرهان إرادتها بجملتها من الأفلاك الكلّية والجزئيّة من الحوامل وخوارج المراكز والمديرات وغيرها على فرض إثباتها مع ما فيها من السيّارات والثوابت الّتي لا يعلم أحصائها فضلا عن منافعها وخواصّها ومجاريها ومقادير أجرامها وحركاتها إلّا مبدعها وباريها ومن أشهدهم خلقها وأحصى فيهم علمها ، فانّ فيه آيات كثيرة
__________________
(١) النمل : ٦١.
(٢) الزّجاج : ابو إسحاق ابراهيم بن محمّد النحوي الحنبلي المتوفى (٣١٠) ه
(٣) ابن دريد : محمد بن الحسن بن دريد البصري الأديب اللغوي المتوفى (٣٢١).
(٤) تفسير البرهان ج ١ ص ٦٧ عن تفسير الامام عليهالسلام.