عمّا أشرنا إليه من فوائد الفصول ، ولذا جعل لها ميلا شماليّا يكون معه صيف الشّماليّين وشتاء الجنوبيّين ، وجنوبيّا يكون معه صيف الجنوبيّين وشتاء الشّماليّين إلى غير ذلك من المنافع العجيبة والآثار الغريبة الّتي سطروا فيها الأساطير وملئوا منها الطّوامير ومع ذلك فلم يطلعوا إلّا على قليل من كثير والله هو العليم الخبير.
منافع القمر
وأمّا القمر ففيه آيات ومنافع للنّاس في تشكّلاته البدرية والهلاليّة وزيادته ونقصانه ومحاقه واختلاف مقاديره ومواقيت طلوعه وغروبه وله تأثير غريب في تربية النامية وفي ازدياد الرطوبات في أبدان الحيوانات وفي النباتات ، وبه يعلم (عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ) والآجال والمواقيت العرفيّة والشرعيّة.
وكان من دعاء السجّاد عليهالسلام إذا نظر الى الهلال : أيّها الخلق المطيع الدّائب السّريع المتردّد في منازل التقدير ، المتصرّف في فلك التّدبير ، آمنت بمن نوّر بك الظّلم ، وأوضح بك البهم ، وجعلك آية من آيات ملكه ، وعلامة من علامات سلطانه ، وامتهنك بالزّيادة والنقصان ، والطلوع والأفول ، والإنارة والكسوف ، في كلّ ذلك أنت له مطيع ، وإلى ارادته سريع ، سبحانه ما أعجب ما دبّر في أمرك ، وألطف ما صنع في شأنك ، جعلك مفتاح شهر حادث لأمر حادث (١) الدّعاء.
وأمّا غيرهما من السيّارة والثّوابت فخالقها هو الّذي يحصي منافعها وأعدادها وأقدارها وقد ذكر المحصّلون من أرباب الارصاد جملة ممّا استنبطوه من مقادير أجرامها وابعادها عن مركز العالم وحركاتها طولا وعرضا إلى غير ذلك ممّا أفردوه بالتّصنيف.
__________________
(١) الصحيفة السجادية الدعاء : ٤٣.