فسرت الأرض في قوله : (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) (١) بنفوس العلماء (٢).
ولذا رتّب بعض المحقّقين الأرض على درجات ، ومراتب أعلاها النفوس الانسانية ، ثمّ أنّه سبحانه جعل لإيجادكم وإيجاد معايشكم ومصالحكم أرض الإمكان والقابليّة بإنشاء المشيّة الإمكانية ، وجعل سماء المشيّة التكوينيّة مبنيّة عليها مفاضة منه بنفسها لنفسها ، وأنزل منها إلى أرض الإمكان ماء الوجود العيني والتّعين الكوني فاخرج به من ثمرات عالم الإمكان أنواعا من الرّزق تستمدّ منها عقولكم وأفئدتكم وأرواحكم ونفوسكم ومثلكم وأبدانكم في كينوناتها وبقائها.
تفسير الآية (٢٣)
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا)
لما كان المقصود الأعظم من خلق بني آدم هو العبوديّة لخالق العالم كما أشير إليه فيما تقدّم ، وكانت العبادة متوقّفة على المعرفة ، بل هي ركنها الأقوى وغايتها القصوى ، وكانت المعرفة تدور على الأركان الثلاثة الّتي هي التّصديق بالتّوحيد وبنبوّة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وولاية أوصيائه الطّيبين صلّى الله عليهم أجمعين ، وقد قرّر الأوّل في الآيتين المتقدّمتين ، وبيّن الطّرق الموصلة إلى تحصيل العلم والتّصديق به عقّبه بذكر ما يدل على الثّاني وهو الإتيان بالمعجزة الباقية على مرّ الدّهور الدّال على الثالث أيضا من جهة ورود النّص قبله ، ودلالة الآيات الّتي تحدّى بها عليه أيضا.
__________________
(١) الرعد : ٤١.
(٢) الكافي ج ١ ص ٣٨ كتاب فضل العلم.