أيضا حاضر ، والحاصل استعينوا بغير الله ولا تستعينوا به ، وانّا متعلّق بشهدائكم أي حاضرين كائنين من دون الله ، ويمكن أن يكون دون بمعنى قدّام حيث انّها جهة دانية من الشيء كما في قول الأعشى (١) : تريك القذى من دونها وهي دونه أي تريك القذى قدّامها وهي قدّام القذى.
فالشهيد بالمعنى الأوّل ودون ظرف له لغو ، والمعنى : أدعوا الّذين يشهدون لكم بين يدي الله للاستظهار بهم في المعارضة لا في أداء الشهادة بين يدي الله تعالى ، وفيه تهكّم وترشيح ، ومن محمولة على التبعيض ، لأنّ الشهادة كالجلوس ونحوه يقع في بعض تلك الجملة ، أو لأنّ صاحبها في بعضها.
وهذه الوجوه العشرة وإن ذكرت على وجه الاحتمال إلّا أنّ بعضها بمكان من الضّعف ولعلّه لا مانع من الحمل على الجلّ بل الكل بناء على عموم المجاز أو جواز الاستعمال في الجميع مطلقا على ما مرّ غير مرّة أو في خصوص الآيات القرآنية.
تفسير (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
وقوله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه ، والمعنى إن كنتم صادقين ، أنّه من كلام البشر وأنّ محمّدا تقوّله من تلقاء نفسه إلى آخر ما مرّ عن التفسير أو أنّكم مرتابون في التنزيل أو في المنزل فأتوا بسورة.
و «إن» دخلت هاهنا لغير شك لأنّ الله تعالى علم أنّهم مرتابون ، ولكنّ الله خاطبهم على عادتهم في الخطاب فيستعمل مع العلم بكلّ من الطرفين كما في
__________________
(١) الأعشى : عامر بن الحارث بن رباح الباهلي شاعر جاهلي.