سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) (١) ، وقوله : (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) (٢).
ونظير هذا من يتحدّى صاحبه بتصنيفه فيقول : ائتني بخير منه ، ائتني بمثله ، أو بعشرة ، أو بمسألة منه ، وهذا هو الغاية في التحدّي وازاحة العلّة ، سواء كان ذلك من جهة الفصاحة أو الصّرفة أو الأعم من الوجهين ، أو غيرهما من الوجوه الّتي مرّت إليها الإشارة في المقدّمات.
دليل اعجاز القرآن
ثمّ أنّه قد يقرّر الدّلالة في هاتين الآيتين على الإعجاز من وجوه : ـ
أحدها : أن العرب مع ما كانوا عليه من الحميّة والانفة والعداوة الشديدة لرسول صلىاللهعليهوآله والجهد الأكيد والحرص الشّديد في إبطال أمره واطفاء نوره قد حداهم بالتّقريع والتّهديد وتعليق الوعيد على العجز عن الإتيان بأقصر سورة من مثله ، فعجزوا عن آخرهم مع كثرتهم وفصاحتهم عن الإتيان به حتى التجأوا إلى مفارقة الأوطان وبذل المهج وسبي الذراري والنّساء ولم يأتوا بشيء من مثله.
ثانيها : أنّه يتضمّن الأخبار عن الغيب على ما هو به فانّهم لو عارضوه بشيء في عصر من الأعصار لامتنع خفاؤها عادة مع توفّر الدّواعي واجتماع الهمم وتصلّب أهل الباطل في النّقض عليه في كلّ عصر.
ثالثها : أنّه عليهالسلام لو لم يكن قاطعا بصحّة نبوّته لما قطع في الإخبار بأنّهم لا يأتون بمثله مخافة أن يعارض ولو في عصر من الأعصار المتأخّرة فتصبح حجّته
__________________
(١) هود : ١٣.
(٢) الإسراء : ٨٨.