داحضة.
رابعها : أنه صلىاللهعليهوآله وإن كان متّهما عندهم فيما يتعلّق بالنّبوة فلقد كان معروفا عندهم بالأمانة وحصافة العقل وسداد الرأي وحسن النظر في العواقب فلو تطرقت التّهمة إلى ما ادّعاه من النّبوة لمّا استجاز أن يتحداهم ويبلغ في التحدّي إلى نهايته ، بل كان خائفا وجلا من وخامة العاقبة فيظهر منه أنّه كان عالما بعجزهم عن ذلك إلى غابر الدّهر ولذا حملهم على المعارضة بأبلغ الطّرق والأخيران كما ترى ثمّ أنّه قد يستدلّ بهذه الآية ونحوها على بطلان القول بالجبر وفساده في نفسه أظهر من أن يستدلّ عليه بالظّواهر.
تفسير الآية (٢٥)
(وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)
جرت عادته سبحانه وهو اللّطيف الرّحيم في كتابه الكريم أن يلطف بعباده ويدعوهم الى ما يقربهم إليه والناس وإن كانوا في ايمانهم على درجات شتى ومراتب لا تحصى ، فمنهم من يعبده حياء أو شكرا أو تأهّلا أو ترقّيا أو استلذاذا أو غير ذلك إلّا أنّ العامة لو لم نقل الكافّة يجمعهم الخوف والرّجاء ، ولذا تراه سبحانه شفّع التّرهيب بالتّرغيب وذكر الإنذار مع الإبشار ، ولمّا ساق الكلام في التّهديد والوعيد على تاركي العبادة ومنكري التّوحيد والنبوّة والولاية وأنذرهم بالعقوبة الفظيعة على الأعمال الشّنيعة عقّبه ببشارة من كان من أهل البشرى ، وهم الّذين يتقرّبون إليه زلفى ، بالعلم النّافع والعمل الصّالح كما قال : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) (١) والمأمور بقوله : بشّر هو النّبي صلىاللهعليهوآله فإنّه هو
__________________
(١) الزمر : ١٨.