ينصّ لهم عليه من ذرّيّته وموالاة سائر أهل ولايته ومعاداة أهل مخالفته وعداوته ، وأنّ النيران لا تهدأ عنهم ولا تعدل بهم عن عذابها إلّا بتنكّبهم عن موالاة مخالفيهم وموازرة شانئيهم (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) من أداء الفرائض واجتناب المحارم ولم يكونوا كهؤلاء الكافرين بك (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ) بساتين (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) من تحت أشجارها ومساكنها (١).
و (أَنَّ لَهُمْ) منصوب المحلّ بنزع الخافض ، وإفضاء الفعل إليه كما هو مذهب الخليل وغيره ، أو مجرور بتقدير الجار كما قوّاه سيبويه قال : وله نظائر نحو لاه أبوك الله لأفعلنّ.
الجنّات ونعيمها
والجنّات جمع الجنّة وهي البستان من النّخل والشجر الملتفّ المظلّل بالتفاف أغصانه من جنّه إذا ستره ، ومدار التركيب والترتيب على الستر ، ومنه الجنّ لتستّرها عن عيون الناس ، والجنون لأنّه يستر العقل ، والجنّة لأنّه يستر البدن ، والجنين لتستره بالرّحم ، وجننت الميّت ، وأجننته وأريته ، وأجننت الشيء في صدري أكننته ، والجنن بالفتح القبر لأنّه يستر ، والجنان بالفتح القلب لأنّ الصدر يستره ، وهيئة الجنّة المرّة من الستر ، كأنّها سترة واحدة لفرط التفافها.
وفي «الصحاح» أنّ العرب تسمي النّخيل جنّة ، وفي «المصباح» انّها الحديقة ذات الشجر وقيل ذات النخل ، وفي «القاموس» : انّها الحديقة ذات النخل والشّجر والجمع ككتاب ، ثمّ انّها غلبت على دار كرامة الله ومحلّ رضوانه ومقرّ أوليائه بما فيها من الحور والقصور والولدان والغلمان والأشجار والأنهار فإنّها مستورة عن عقول أهل الدّنيا وادراكاتهم (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما
__________________
(١) كنز الدقائق ج ١ ص ٢٨١ ـ ٢٨٣ عن تفسير الامام عليهالسلام.