التأويل مضافا إلى ما مرّ من التنزيل أن يراد التماثل بين ثمار الجنّة محسوسها ومعقولها وبين ما منحوه في الدنيا من العلوم والمعارف والفضائل النفسانية والأخلاق الروحانية والملكات القدسيّة والعبادات القلبية والأعمال الصالحة البدنية سيّما على ما ذهب إليه جمع من المحققين من القول بتجسم الأعمال في القيامة ويشهد له جملة من الاخبار فالمعنى كلّما رزقوا من ثمرات الجنة رزقا من المطاعم والملابس ورفع الدرجات وظهور التجليات (قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) في الدنيا فان الدنيا مزرعة الآخرة والأعمال الدنيوية بذر للمثوبة الاخرويّة وأعطوا رزقهم في الجنّة متشابها لما وفقوا له في الدنيا من الايمان والأعمال الصالحة.
بسط في المقال
لتحقيق مسألة تجسّم الأعمال
وفيه بحثان :
الأوّل اعلم أنّ المتشبّثين بذيل الإسلام قد اختلفوا في أنّ النعيم والجحيم الموعودين في الدار الآخرة هل هما جسمانيان أو روحانيان أو هما معا لكلّ أحد كل على حسب درجته ورتبته في الوجود الشّرعي أو الأوّل للبعض والاخر للآخرين على أقوال لا جدوى للتّعرض لها ولا للقائلين بها في المقام لكن الّذي ينبغي القطع به بل لا ريب في قيام ضرورة المذهب بل الدّين عليه ثبوت الجسمانيين في الجملة الى ما ورد التّصريح به في الآيات الكثيرة والاخبار المتواترة وأمّا ما اشتهر نقله عن بعض الحكماء من انكار الجنّة والنّار المحسوستين نظرا إلى إنكار المعاد الجسماني وأنّ العالم عالمان عالم الأجسام المادّية وعالم العقول المجردة وأنّ النفوس الناقصة الهيولانيّة منفسخة بعد الموت ونفوس الصلحاء والزهاد تتعلق بجرم بخاري أو سماوي لتحصل لهم فيها سعادة وهميّة كما