اعتراض عليه في حجّته فليراجع من أراد ، وقد مرّ بعض الكلام في ذلك عند تفسير قوله : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (١).
معنى الإظلال المنسوب إلى الله سبحانه
ثمّ أنّ الإضلال المنسوب إليه سبحانه ليس بمعنى دعائه إلى ترك الدّين كما هو المضاف إلى الشيطان وفرعون والسامريّ وأئمّة الضلالة في قوله : (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) (٢).
و (أَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ) (٣) و (أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ) (٤) و (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) (٥).
وذلك لما قضت به ضرورة المذهب بل الدّين من أنّه تعالى لا يدعو النّاس من الهدى إلى الضلالة ومن العلم إلى الجهالة وانّه لا يجوز عليه الظلم والإيقاع في الفساد والإجبار على المعاصي وتشكيك الناس وصرفهم عن الحقّ الى الباطل ، ومن هنا يظهر فساد ما حملها عليه أهل الجبر من أنّه تعالى خلق فيهم الضّلال والكفر وصدّهم عن الايمان وحال بينهم وبينه ، بل ربما استدلّ بعضهم عليه بهذه الآية ونحوها ممّا هو كثير في القرآن نظرا إلى الإضلال عبارة عن جعل الشيء ضالا وإيجاد الضّلالة فيه ، وضعفه واضح بعد ما هو المقرّر في أصل المذهب او الدّين من عدله سبحانه ونفي القول بالجبر بقواطع العقل والنّقل ، وأمّا أمثال هذه
__________________
(١) البقرة : ٣.
(٢) يس : ٦٢.
(٣) طه : ٧٩.
(٤) طه : ٨٥.
(٥) الفرقان : ٢٩.