وكما يقال : ا ، ب في أبجد (١).
ومثل ما يقال : إنّها تسكيت للكفّار ، حيث إنّ المشركين كانوا تواصوا فيما بينهم أن لا يسمعوا لهذا القرآن وان يلغوا فيه ، كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) (٢) ، فكانوا ربّما صفّروا ، وربّما صفقوا ، وربّما لغطوا ليغلّطوا النبيّ فأنزل الله تعالى هذه الحروف حتى إذا سمعوا شيئا غريبا استمعوا إليه ، وتفكروا واشتغلوا من تغليطه. فيقع القرآن في مسامعهم ، ويكون ذلك سببا موصلا لهم الى استماعهم وفهمهم وهدايتهم (٣).
ونحو ما قيل : أنّ بعضها يدلّ على اسماء الله تعالى ، وبعضها على أسماء غيره تعالى ، كما قيل في (الم) : إنّ الألف من الله ، واللام عن جبرئيل ، والميم من محمّد ، أي أنزل الله تعالى الكتاب على لسان جبرئيل على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومثل ما قيل : إنّ كلّ واحد منها يدلّ على فعل من الأفعال ، فالألف معناه ألف الله محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم فبعثه نبيّا ، واللام أي لامه الجاحدون ، والميم أي ميم الكافرون ، من الموم بمعنى البرسام.
ونحو ما قيل : إنّها في التقدير اسمعوها مقطّعة حتّى إذا أوردت عليكم مؤلفة كنتم قد عرفتموها قبل ذلك ، كما أنّ الصبيان يعلمون هذه الحروف أولا مفردة ، ثم يعلمون المركّبات.
ومثل ما يقال : إنّها تدلّ على انقطاع كلام واستيناف كلام آخر ، وحكي عن أحمد بن يحيى بن تغلب أنّ العرب إذا استأنف كلاما فمن شأنهم أن يأتوا بشيء من
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٣٣
(٢) فصّلت : ٢٦.
(٣) مجمع البيان ج ١ ص ٣٣.