غير الكلام الّذي يريدون استينافه فيجعلونه تنبيها للمخاطبين على قطع الكلام الأوّل واستيناف الكلام الجديد.
ونحو ما قيل : إنّها ثناء من الله تعالى على نفسه.
ومثل ما قيل : إنّ إخبار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأسماء الحروف قبل أن يتعلّم من أحد من الآدميين يعلم منه أنّه تعلّم من معلّم آدم الأسماء ، فيكون أوّل ما يسمع معجزة دالّة على أنّه من عنده عزوجل.
ومثل ما قيل : إنّها للردّ على من قال بقدم القرآن ، فإنّه لمّا علم الله في القدم أنّ قوما سيقولون بقدم القرآن ذكر هذه الحروف تنبيها على أنّ هذا الكلام مؤلّف من الحروف الحادثة فلا يكون قديما.
ومثل ما قيل : إنّ المراد ب (الم) ألمّ بكم ذلك الكتاب ، أي نزل عليكم نزول الزائر ، لأنّ الإلمام الزيارة ، فإنّ جبرئيل نزل به نزول الزائر.
ومثل ما قيل : إنّ الألف من أقصى الحلق ، وهو أوّل المخارج ، واللام من طرف اللّسان وهو وسط المخارج ، والميم من الشفه وهو آخر المخارج ، فهذه إشارة الى أنّه لا بدّ أن يكون أوّل ذكر العبد ووسطه وآخره الله تعالى.
ومثل ما قيل : إنّ الألف إشارة الى ما لا بد منه من الاستقامة في أوّل الأمر ، وهو رعاية الشريعة ، كما قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) (١).
واللام إشارة إلى الإلجاء الحاصل عند المجاهدات وهو رعاية الطريقة كما قال سبحانه : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) (٢) ، والميم إشارة إلى أن يصير العبد في مقام العبوديّة كالدائرة الّتي تكون نهايتها عين بدايتها ، وبدايتها عين نهايتها ،
__________________
(١) فصّلت : ٣٠ ، الأحقاف : ١٣.
(٢) العنكبوت : ٦٩.