تفسير الآية (٢)
(ذلِكَ الْكِتابُ)
(ذلِكَ) إشارة صدرت عن سرادق مجد العزّ ، وقدس كبرياء الجبروت إلى الكتاب المنزل في كسوة المعاني والحروف إلى الأرواح التائهة في فيافي بيداء الملكوت ، والأكوان الغاسغة في ظلمات علائق الناسوت ، فإنّك قد سمعت أنّ هذا الكتاب هو النور المبين ، والماء المعين ، والحاكي لمرتبة سيّد المرسلين في صقع التدوين صلىاللهعليهوآله أجمعين ، وقد تنزّلت تنزّلات كثيرة في عوالم مترتّبة.
ولذا أشير اليه بما يشار إلى البعيد.
أو أنّه إشارة إلى ما كان عليه في رتبته في أوّل الظهور ، وفوق سرادق النور.
تنبيها على عظمة المشير ، وغاية انحطاط تجلّيات ظهور النور عن الوصول إلى رتبة المنير.
أو على عظمة المشار إليه ، سوق الكلام مساق إجرائه على لسان عبيده لانحطاط درجاتهم عن رتبته.
ومنه قولهم :
أقول له والرّمح يأطر متنه |
|
تأمل خفافا إنّني أنا ذلكا (١) |
أي أنا ذلك الرّجل العظيم الّذي سمعت جلالته.
او إشارة إلى (الم) باعتبار تأويله بالمؤلّف من هذه الحروف.
أو كونه اسما للقرآن أو للسورة حيث إنّه جرى له ذكر وتقضّي جاز.
أن يعتبر متباعدا فيشار إليه بما يشار به إلى البعيد ، كما في
__________________
(١) مجمع البيان ج ١ ص ٣٦.