فعلتما ، فكاف الخطاب توجب كون ما وليته غائبا في التعبير عنه ، نحو غلامك قال كذا ، وإن كان حينئذ غلامه حاضرا ، إلّا أنّه لم يعتبر حضوره.
فهكذا في ذلك عبّروا بالجمع بين ما دلّ على الحضور وما دلّ على الغيبة عن حال التوسط ، ثمّ لمّا أرادوا التنصيص على البعد جاءوا بعلامته وهي اللام ، فقالوا : ذلك ، وهذه الكاف حرفيّة وإن كانت تتصرّف تصرّف الكاف الاسميّة غالبا ليتبيّن بها أحوال المخاطب من الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ، نعم قد يستبان الأخيران بمجرّد الفتح والكسر.
وربما حمل عليه قوله تعالى في هذه السورة : (ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ) (١) ، وقوله سبحانه : (ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢) في سورة المجادلة.
وإن قيل : إنّ الخطاب فيهما للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو لكلّ أحد.
الكتاب بحسب اللغة
مصدر سمّي به المفعول للمبالغة ، وأصله بمعنى الجمع ومنه : تكتّبوا أي تجمّعوا ، والكتيبة : الجيش لانضمام بعضهم إلى بعض.
وقيل : إنّه اسم جامد بني بمعنى المفعول ، وعلى الوجهين إن كان معناه هو المنظوم لفظا أو وجودا فالإطلاق حقيقة ، أو خطّا فمن مجاز الأوّل باعتبار ما يكتب ، اللهمّ إلّا أن يعتبر إثباته في الألواح السماوية فكالأوّل حقيقة.
وربما يطلق الكتاب على المكتوب فيه ، بل اقتصر عليه في القاموس ، وإن ذكر معه معان أخر وليس بجيّد ، فإنّ إطلاقه عليه باعتبار ما كتب فيه.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٣٢.
(٢) سورة المجادلة : ١٢.