تفسير
(لا رَيْبَ فِيهِ)
الريب في الأصل مصدر رابني الشيء إذا حصل فيك الريبة (بكسر الراء) وهي قلق النفس واضطرابها ، ومنه النبوي : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (١) فإن الشكّ ريبة ، والصدق طمأنينة.
ومن هنا قيل : إنّه الشك كما في الصحاح ، وغيره ، وقيل : إنّه أسوء الشك ، وقيل : شكّ مع تهمة.
ولعلّ الثاني ينزّل على الثالث وإن كان أعمّ بحسب المفهوم ، وفرّق بينهما في «فروق اللغات» على الوجه الثالث مستدلا عليه بهذه الآية ، نظرا الى أنّ المشركين مع شكهم في القرآن كانوا يتهمون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه هو الّذي افتراه ، وأعانه عليه قوم آخرون.
قال : وأمّا قوله : (إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي) (٢) فيمكن أن يكون الخطاب مع أهل الكتاب أو غيرهم ممّن يعرف النبيّ بالصدق والأمانة ولا ينسبه الى الكذب والخيانة.
أقول : وفيهما نظر ـ أمّا في الأوّل فلأنه أعمّ من المطلوب ، كيف واتّهامهم له في موضع آخر لا يدلّ على دخوله تحت المنفي ، وأمّا الثاني فلأنّ الشكّ غير مقيّد بعدم الاتّهام ـ بل هو أعمّ من الريب مطلقا ، كما يظهر من أوّل كلامه ، حيث عرّف الشك بتردّد الذهن بين أمرين على حدّ سواء ، والريب بأنّه شكّ مع تهمة.
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٢ ص ٢٥٩ ح ٧ وص ٢٦٠ ج ١٦.
(٢) يونس : ١٠٤.