دلالة الآيات الى المذهب الحق
اعلم أنّ هذه الآيات تدلّ بوجوه من الإشارة على حقّية مذهب الإماميّة القائلين بوجوب النصّ والعصمة والأعلميّة وعدم خلوّ العصر عن الحجّة وغيرها من الأصول الحقّة ، وذلك من وجوه.
أحدها : انّ الحكمة في الخليفة أبلغ من الحكمة في الخليقة ، وذلك انّه لما تعلّقت المشيّة الالهيّة والحكمة الربانيّة بعمارة الأرض وإيجاد من يعبده ويوحّده فيها بدأ بالخليفة قبل الخليقة تقديما للأهم على ما هو الأعم ، وذلك لأنّ وجود الخليفة عندنا ليس على وجه التبعية المحضة والغيريّة الصّرفة كما توهّمه من خالفنا في الإمامة حيث جوّزوا مساواته لسائر افراد الرعيّة في قلّة العلم والفضيلة ، وعدم لزوم العصمة ، بل الخليفة عندنا هو المقصود بالذّات ولا بدّ أن يكون وجوده أشرف من وجود رعيّته والاهتمام بخلقه اكثر من الاهتمام بخلق غيره فيكون هو الواسطة في إيصال الفيوض الالهيّة إلى رعيّته ، لا لقصور في فيضه أو عجز منه في إيصاله إلى خلقه ، او لحاجة به إلى من ينوبه عنه فيه ، بل لقصور عامّة الخلق عن قبول فيضه وتلقّي امره ، فالخليفة في العالم كالقلب في البدن ، وكما انّ القلب أوّل الأعضاء خلقة وهو معدن الحرارة الغريزيّة ، فيتكوّن فيه الأرواح الحيوانيّة الّتي هي الأصل للأرواح الطبيعيّة والنّاطقة وغيرهما ، ثمّ يسري منها إلى الكبد والدّماغ وسائر الأعضاء والجوارح بواسطة العروق والشرائين ، كذلك الخليفة اوّل الخلق خلقة في عالم الملكوت او الناسوت ، وهو الواسطة في إيصال الفيوض الالهيّة إلى