والخلود في دار البوار ، ولعنه في جميع كتبه وعلى ألسنة جميع أنبيائه وأوليائه ، وذلك لمخالفته في امر الخلافة الّذي هو الكاشف الأخير عن توحيده سبحانه ، فانّ انكار خلافة الأنبياء وأوصيائهم بمنزلة جحود ربوبيّته سبحانه في الكفر والإلحاد على ما تظافرت به الاخبار.
الخلافة من الله سبحانه
ثانيها : انّ الخلافة لا بدّ أن تكون بتعيين الله سبحانه ونصّه ونصبه ، فانّه منصب جليل ، وله خطب عظيم ، والقلوب مجبولة على حبّ أنفسها ، واختيار الخير لها ، وحيث أنّ الخلق لا يحيطون علما على جميع الحكم والمصالح ، ولا يطلعون على جميع الأسباب والمقتضيات والموانع ، فلذا جعل تعيين الخليفة إلى نفسه تعالى وقال : (إِنِّي جاعِلٌ) فاحتجّ به على عامة خلقه انّه ليس لهم سبيل إلى اختيار الخليفة ، كما لم يكن للملائكة إليه سبيل مع عصمتهم وقدمتهم وصفائهم ووفائهم ودوام عبادتهم وخلوّ فطرتهم عن مقتضيات الدّواعي الشهويّة والغضبيّة والانحرافات البشريّة ، وإذا كان حال الملائكة ذلك على ما يستفاد من الآية فما ظنك بعامّة البشر ، الّذين هم معادن القصور والتقصير مع ما ترى فيهم من خفاء الحقّ وغلبة الباطل ، واستيلاء الجهّال ، ودولة أهل الضّلال ، ثمّ لا يخلو أمرهم امّا أن يكونوا مريدين في زعمهم لاختيار الباطل ومتابعة الهواء والايتمام بأئمّة الضلال ، فالله سبحانه أعزّ واجلّ من أن يدعهم وأهوائهم ولو اتّبع الحقّ أهوائهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهنّ ، وإمّا أن يكونوا مريدين لاختيار من يقوم بالحقّ فيهم