فضلا عن العامة وايضا نرى الأعلام الشّخصيّة والحقائق العرفيّة الّتي نعلم بالضرورة استناد الدّلالة فيها إلى الوضع غير دالّة على تلك المعاني قبل حدوث الوضع ولو كانت ذاتيّة لم يؤثر الوضع فيها شيئا ولم ينفك عنها الأثر الطبيعي هذا مضافا إلى دوران الدلالة مع الاعتقاد بالوضع عدما ووجودا علما وظنّا ووهما وشكّا وضرورة الوضع للنقيضين والضدين وغير ذلك ممّا لا داعي للتعرض له بعد ظهور التوقيف في جميع الأعصار والأمصار بالنسبة إلى جميع اللغات على طرق اثبات الوضع سيّما مع ضعف تمسّك المدّعين للدّلالة الذاتيّة من انّها لو انتفت لزم الترجيح او التّرجح من غير مرجّح وفيه ما لا يخفى.
التناسب بين اللفظ والمعنى
ولذا قيل : إنّ مراد القائلين بها دعوى التناسب الذّاتي بين اللفظ والمعنى ، وإنّ ذلك التناسب هو علّة الوضع ، أو المرجّح لخصوص الطرفين باعتبار ملاحظة الصفات الّتي للحروف من الهمس والجهر والشدّة والرخاوة وغيرها من الصفات الّتي عنت بضبطها أئمّة الاشتقاق والتصريف ، مضافا إلى ما لها من المنسوبات والطبائع الّتي ذكرها علماء الجفر والأعداد والحروف والأوفاق من إثبات الطبائع والخواص الغريبة للحروف باعتبار تمزيجاتها وتركيباتها ونسبتها إلى خصوص الكواكب والأزمنة والعناصر والمواليد والجهات والأفعال والأخلاق وغيرها ، ولذا قالوا : إنّ قضيّة تلك الخواصّ أن العالم بها إذا أراد تعيين شيء مركّب منها لمعنى أن لا يهمل التناسب بينهما قضاء لحقّ الحكمة فوضع الفصم بالفاء للكسر بسهولة لما