ثمّ إنّ من جميع ما مرّ يظهر النظر فيما قد يقال دلالة الآية على كون إبليس من الملائكة ، وانّ من الملائكة من ليس بمعصوم ، كما لا يخفى ضعف دلالتها على حصول الكفر بأفعال الجوارح مجرّدة عن الأمور القلبية على ما قيل ، لما ستعرف من أنّ سبب كفره هو الاستخفاف بأمر الله والرّد عليه.
ما يستفاد من الآية الكريمة
نعم تدلّ على تفضيل آدم على كلّ الملائكة ، لتعلّق الخطاب عليهم جميعا على ما مرّ ، وعلى حرمة الاستكبار ، وأنّه قد يفضي بصاحبه إلى أن يعدّ من الكفّار ويستحقّ النّار ، وعلى الحثّ على الايتمار لأمر الله تعالى وترك الخوض في سرّه ، وعلى بطلان القول بالجبر لنسبة السجود إلى الملائكة ، والإباء والاستكبار والكفر إلى إبليس ، ولو لم يكن لهم قدرة واختيار لما صحّ شيء من ذلك وعلى كون صفة افعل للوجوب ، وإن كان ذلك لا يخلو عن خفاء ، لا لاحتمال القرينة في الخطابات الشفاهيّة ، والأصل وإن كان دافعا للمقالية إلّا أنّه لا يدفع الحاليّة إذ الشك في الحادث لا الحدوث ، ولا لوروده عقيب الحظر أو توهّمه لحرمة السجود لغيره سبحانه فأفاد الإباحة وفهم الوجوب لقرينة فلا دلالة ، ولا لاحتمال الاختلاف بين عرفنا وعرف الملائكة والتزام اتّحاد الوضع واللغة منظور فيه وظهور الحكاية في الموافقة ممنوع بعد إفهام المرام ، وذلك لأنّه يمكن دفع ذلك كلّه بالأصل ، والظهور الّذي هو الحجّة مضافا إلى تطرّق وجوه المناقشة إليها كما يمكن دفع كثير من الاعتراضات الّتي ربما يورد عليها ، بل لأنّ الذّم والتكفير على الاستكبار الّذي