قبله ، والتّائب من الذّنب كمن لا ذنب له ، والحبط والتكفير بهذا المعنى ممّا يدلّ عليه المنقول ، ولم يقم على فساده شيء من أدلّة العقول ، بل هو المختار عند الإماميّة على ما صرّح به بعض الفحول ، وأمّا الحبط والتكفير بالمعنى الّذي قال به بعض المعتزلة ، وقام النّص والإجماع على بطلانه عند الاماميّة فهو إذهاب كلّ من الحسنة والسيّئة على قدر ما لها من المرتبة ضعفا وقوّة للأخرى مع ذهابها على قدر إذهابها ، واين هذا ممّا أشرنا اليه من المعنى المتقدّم ، ومن هنا يظهر ضعف ما ربما يستدلّ به للقول بالموافاة بالمعنى المتقدّم من انّ الايمان يوجب استحقاق الثواب الدّائم إلى آخر ما مرّ تقريره.
تفسير الآية (٣٥)
(وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)
لما أنعم الله تعالى على أدم على نبيّنا وآله وعليهالسلام بصنوف الأنعام واختصّه من العلوم والمعارف وتعليم الملائكة بما أوجب له به مزيد الإعظام ، وأسجد له الملائكة الكرام خاطبه خاطبا فهوانيّا بلا وسط على وجه الإلهام ، او خلق الكلام ، أو معه على وجه الإيصال والإعلام بألسنة تراجمة الوحي عليهم الصلاة والسلام ، كما يومئ إليه بعض الأخبار.
فالنون في قوله : «وقلنا» نون الكبرياء والعظمة ، او نون الوساطة والكرامة ، وناداه باسمه تكريما وتقريبا وإن آثر كلمة «يا» من بين حروف النّداء تنبيها على صدور الخطاب عن سرادق العظمة والجلال.