هي الحيّة فتناولت منها ولم تنكر من نفسها شيئا ، فقالت لآدم : الم تعلم أنّ الشجرة المحرّمة علينا قد ابيحت لنا؟ تناولت منها فلم تمنعني أملاكها ولم انكّر شيئا من حالي ، فلذلك اغترّ آدم وغلط فتناول ، فأصابهما ما قال الله تعالى في كتابه : «فازلّهما الشيطان عنها فأخرجهما بوسوسته وغروره» (١).
وفيه دلالة على ترجيح قراءة المشهور وردّ قراءة حمزة حيث قرأ فأزالهما نظرا إلى أنّ قوله : اسكن أنت وزوجك الجنّة معناه أثبتا فثبتا فأزلّهما الشيطان فقابل الثبات بالزوال الّذي هو خلافه.
وفيه ان البناء في مثله ليس على التعليل بل على الترخيص الّذي ورد معه الإذن بالقراءة كما يقرءون.
كيفيّة دخول إبليس الجنّة
وامّا كيفيّة دخول إبليس الجنّة بعد لعنه وطرده وخروجه منها فاختلفوا فيها وفي كيفيّة وصوله إليهما ووسوسته لهما ، فقيل إنّ آدم كان يخرج إلى باب الجنّة وإبليس لم يكن ممنوعا من الدنوّ وكان يكلمه ، وكان هذا قبل أن يهبط إلى الأرض وبعد أن اخرج من الجنّة ، وقيل : إنّه كان يحرم عليه دخول الجنّة بارزا وامّا مختفيا ولو في فم الحيّة فلا كما يومئ كلام الامام عليهالسلام ، وقيل : إنّه منع من الدّخول على وجه التكرمة كما كان يدخل قبل ذلك مع الملائكة ، وامّا الدخول للوسوسة وابتلاء آدم وحواء فلم يمنع منه ، وامّا الدّخول في فم الحيّة فانّما كان لاشتداد البليّة والتمكّن
__________________
(١) تفسير الامام العسكري : ج ٤ ص ٢٢٣ ـ ٢٢٤.