أقول : وهو مبنيّ على كون الغاية هو الموت بناء على انتقال الرّوح بعدها إلى جنان الدّنيا أو نيرانها ، فانّ القبر إمّا روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النّار ، وقد سمعت كون الهبوط من جنان الدّنيا لا من جنّة الخلد ، ومن هنا يبعد الحمل على القيامة الكبرى وان كان في القبر ايضا تمتّع واستقرار.
ولا ينافي شيئا من الوجهين قوله في سورة الأعراف بعد مثل هذه الآية قال : (فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ) (١) إذ يمكن أن يكون تفصيلا لوجوه الاستقرار ، وأن يكون زيادة عليه ، والظّرف غاية للأمرين ، وتنكير الثلاثة للتّحقير ، فانّ الآخرة هي دار القرار ، وإن طلب الناس القرار في الدّنيا ، ولذا آثر المستقر على المقرّ ، وليس في الدنيا إلّا عيش يسير ومتاع قليل ، ولذا قال سبحانه : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ) (٢) و (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) (٣).
مدّة مكث آدم في الجنة
ثمّ انّهم قد اختلفوا في مدّة مكثه عليهالسلام في الجنّة وزمان هبوطه ومكانه على أقوال لا طائل تحت التّعرض لها ، لاستناد جملة منها إلى بعض الاعتبارات وإلى اقوال اهل الكتاب.
نعم روى الصدوق في «العلل» و «الأمالي» عن الحسن بن عليّ بن ابي طالب عليهماالسلام قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فسألوه عن مسائل ، فكان
__________________
(١) الأعراف : ٢٥.
(٢) الرعد : ٢٦.
(٣) آل عمران : ١٨٥.