الجنس ، وهذه قراءته في جميع القرآن ، والباقون بالرّفع والتنوين على إعمال لا عمل ليس.
وامّا ما يستدلّ به للأوّل من أنّ «لا» التبرئة اشدّ نفيا من «ليس» وان قوله تعالى : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) (١) لا خلاف في نصبه ، وإن كان ما بعده معطوفا عليه موضعه رفع ، فممّا لا ينبغي الإصغاء إليه ، سيّما فيما هو مبنيّ على التّوقيف.
وامّا ما يحكى عن الأعرج (٢) من قراءة هداي بالألف وسكون الياء ، فكأنّه نوى الوقف وإلّا فهو غلط.
تفسير الآية (٣٩)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
قسيم للجملة المتقدّمة ، صلة كانت او شرطا ، وبها ينقسم كلّ من بلغته الدّعوة ، وقامت عليه الحجّة إلى صنفين : متّبع مهتد آمن متنعّم بالنعيم الأبدي ، وكافر مكذّب مخلّد في العذاب السرّمدي.
وتقديم الكفر على التكذيب من باب تقديم المسبّب على السّبب ، أو من تقديم الملزوم على اللازم ، والمراد من السّبب سببية في الحكم ، ولو من جهة الكشف عن الموضوع ، كما في دلالة بعض أعمال الجوارح كسجود الشمس وغيره
__________________
(١) يس : ٤٣.
(٢) هو عبد الرحمن بن هرمز ابو داود الأعرج المدني التابعي المقري مات بالاسكندريّة سنة (١١٧) ـ غاية النهاية ج ١ ص ٣٨١.