(وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) أي لا بدّ أن يكون الخوف من الله تعالى الذي هو على كل شيء قدير ، والمطّلع على الضمائر والظواهر ، فإنّ الرهبة إن كانت لأجل عظمة الموهب منه وجلاله فلا نهاية لهما فيه عزوجل ، وإن كانت لأجل علمه بموجبات السخط والعقاب فلا يعزب عن علمه شيء في السماوات والأرض ، وإن كانت لأجل قهّاريته التامّة فهي من أخصّ صفاته ، وعهوده هبات منه عزوجل فيكون نقضها عظيما.
تفسير الآية (٤١)
(وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ)
(وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) عطف على ما تقدّم ، وتفصيل بعد إجمال ، فإنّ قوله تعالى : (أَوْفُوا بِعَهْدِي) (١) يشمل الإيمان بالنّبيّ صلىاللهعليهوآله ، إلّا أنّه تعالى ذكره بالخصوص تنبيها لهم ، وتعظيما لأمره ، وهذه الآية المباركة تدل بالدلالة الالتزامية العادية على اخبار موسى عليهالسلام بشريعة خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله لأنّ كلّ شريعة سابقة لا بدّ أن تخبر بالشريعة اللاحقة ، كما أخبر تعالى عن الشرائع السابقة في القرآن.
وقوله تعالى : (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) يدل على تصديق هذه الشريعة لما تقدم من الشرائع.
__________________
(١) سورة البقرة : ٤٠.