وفي نحو (فهي) و (هي) تشبيها له بكتف ، تنزيلا للأوائل منزلة الأواسط ، حيث جعلوا الواو والفاء كانّهما من نفس الكلمة ، وهي لغة فصيحة.
تفسير الآية (٣٠)
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)
شروع في ذكر بدء خلق آدم وكيفية تكريم الله تعالى له قبل ظهوره في هذا العالم ، حيث بشّر به ملائكته ونوّه باسمه وأهّله للخلافة الكليّة ، وأودعه علمه وحكمته ، والنور الذي هو السبب الكلّي لإيجاده وتكريمه وأمره بسجود ملائكته له ، وغير ذلك ممّا يأتي ، وذلك النور هو نور نبيّنا صلىاللهعليهوآله والأئمة الطّاهرين صلّى الله عليهم أجمعين ، فالآية إشارة إلى مننه التي لا تحصى ولا تستقصى عليه وعلى ذريّته الطيّبين صلوات الله عليهم أجمعين ، حيث إنّه سبحانه آتاه ما لم يؤت أحدا من العالمين ، ثمّ على خصوص هذه الأمّة المرحومة الذين هم شيعتهم ومحبّوهم حيث خلقهم الله تعالى من فاضل طينتهم ، وعجنهم بماء ولايتهم ، ثم على عموم بني آدم حيث خصّهم بهذه النّعمة العظمى من بين أهل العالم ، فانّه من أدلّ الدلائل على عناية الباري سبحانه بشأن هذا النوع.
و (إِذْ) في الأصل ظرف للزمن الماضي ، واستعماله للاستقبال في نحو (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) (١) قليل ، أو مؤوّل ، وتلزمه الإضافة إلى الجمل ، فأشبه الحروف بافتقاره الأصلي ، ثمّ أنّه قد يخرج عن الظرفيّة المحضة لكثرة دوره في
__________________
(١) الزلزال : ٤.