من باب الجبال ، وكذا ملك النّار من باب النّار ، وملك الماء وملك الأرض كلّ هؤلاء من نوع ضمّه ومسمّى باسمه فملك الأرض أرض لعالم الغيب والملكوت وملك الماء ماؤه وملك الهواء هوائه وملك النّار ناره بل ما من موجود في هذا العالم إلّا وله صورة طبيعيّة محركة ونفس تدركه وعقل يسخّره واسم إلا هي يبدعه وإذا ترقيت بذهنك إلى عالم الملكوت الأعلى شاهدت الماء هناك وهو حياة كلّ شيء والهواء عشق كلّ ذي روح وشوقه والنّار قدر كلّ حي وقهره والأرض قوّة تمسكه لكلّ جوهر ومديله انتهى.
وأنت ترى أن هذا كلّه رجم بالغيب وما كلّفنا بالتّصديق بأمثال هذه التخريجات الظّنّيّة والاعتبارات الوهميّة إن هم إلّا يظنّون وإن هم إلّا يخرصون.
الملائكة عند النصارى والمجوس
ومنها ما يحكى عن النصارى وهو أنّ الملائكة في الحقيقة هي الأنفس الناطقة بذاتها المفارقة لأبدانها على نعت الصفاء والخيريّة ، وذلك لأنّ هذه النّفوس المفارقة إن كانت صافية خالصة فهي الملائكة ، وإن كانت خبيثة كدرة فهي الشياطين.
ومنها : قول معظم المجوس والثّنوية وهو أنّ هذا العالم مركّب من أصلين أزليّين ، وهما النّور والظلمة ، وهما في الحقيقة جوهران شفّافان حسّاسان مختاران قادران ، متضادّا النفس والصورة ، مختلفا الفعل والتدبير ، فجوهر النّور فاضل خيّر ، تقيّ طيّب الرّيح كريم النفس ، يسرّ ولا يضر ، وينفع ولا يمنع ، ويحيي ولا يبلي ،