وجوهر الظّلمة على ضدّ ذلك ، ثمّ إنّ جوهر النور لم يزل يولّد الأولياء وهم الملائكة لا على سبيل التناكح ، بل على سبيل تولّد الحكمة من الحكيم ، والضّوء من المضيء وجوهر الظّلمة لم يزل يولد الأعداء وهم الشياطين على سبيل تولّد السّفه من السّفيه.
الملائكة عند أرباب الهياكل
ومنها : أرباب الهياكل وعبدة الأصنام ، فانّهم قالوا : إنّ الملائكة في الحقيقة هي هذه الكواكب المتصرّفة في هذا العالم بصورها وأشكالها وتشكّلاتها وأرواحها المحرّكة لها المدبرة للعالم السفلي ، لا على وجه القصد والالتفات ، فانّ العالي لا يلتفت إلى السّافل ، بل على وجه الإشراق والتجلّي ، ولذا زعموا أنّ لها أرواحا عالية قاهرة قوية ، وهي مختلفة بجواهرها ومهيّاتها ، وكما أنّ لكلّ روح من الأرواح البشريّة بدنا معيّنا ، فكذلك لكلّ روح من الأرواح الفلكيّة بدن وهو ذلك الفلك ، وله قلب وهو الكواكب المركوز فيه ، فتتعلّق الروح الفلكيّة أوّلا بقلبه ، ثمّ ينبعث من جرم الكوكب خطوط شعاعيّة تتّصل بها قوّة ذلك الكوكب ونوره إلى أجزاء العالم ، وكما أنّ بواسطة الأرواح الفائضة من القلب والدّماغ إلى أجزاء البدن يحصل في كلّ جزء منها قوى مختلفة كالقوى الحيوانيّة من السّامعة والباصرة والشّامة والذائقة واللامسة ، وكالقوى الطبيعيّة ، كالجاذبية والدّافعة والغاذية وغيرها ، فتكون هذه القوى كالنتائج والأولاد لجوهر النّفس المدبّرة لكلية البدن ، فكذلك بواسطة الخطوط الشعاعيّة المنبثة من الكوكب الواصلة إلى أجزاء هذا العالم يحصل في تلك الأجزاء