ووجد نكتة قديمة ثمّ زالت إحداهما فاختلفا ، فقال البائع : الزائلة القديمةُ فلا ردّ ولا أرش ، وقال المشتري : بل الحادثةُ ولي الردّ ، قال الشافعي : يحلفان على ما يقولان ، فإن حلف أحدهما دون الآخر ، قُضي بموجب يمينه. وإن حلفا ، استفاد البائع بيمينه دفع الردّ ، واستفاد المشتري بيمينه أخذ الأرش ، فإن اختلفا في الأرش ، فله الأقلّ ؛ لأنّه المتيقّن (١).
مسألة ٣٠٧ : لو كان المبيع من أحد النقدين كآنية من ذهب أو فضّة اشتراها بمثل وزنها وجنسها ثمّ اطّلع على عيبٍ قديم ، كان له الردّ دون الأرش ؛ لاشتماله على الربا ، فإنّه لو أخذ الأرش لنقص الثمن عن وزن الآنية ، فيصير الثمن المساوي لوزنها يقابله ما دونها (٢) ، وذلك عين الربا.
فإن حدث عند المشتري عيبٌ آخر ، لم يكن له الأرش ؛ لما تقدّم ، ولا الردّ مجّاناً ؛ إذ لا يُجبر البائع على الضرر ، ولا الردّ مع الأرش ؛ لاشتماله على الربا ، لأنّ المردود حينئذٍ يزيد على وزن الآنية. ولا يجب على المشتري الصبر على المعيب مجّاناً. فطريق التخلّص فسخ البيع ؛ لتعذّر إمضائه ، وإلزام المشتري بقيمته من غير الجنس معيباً بالقديم سليماً عن الجديد ، ويجعل بمثابة التالف.
ويحتمل الفسخ مع رضا البائع ، ويردّ المشتري العين وأرشها ، ولا ربا ، فإنّ الحليّ في مقابلة الثمن ، والأرش في مقابلة العيب المضمون ، كالمأخوذ بالسوم.
وللشافعيّة ثلاثة أوجُه ، اثنان منها هذان الاحتمالان ، إلاّ أنّهم لم يشترطوا في الاحتمال الثاني رضا البائع بالردّ.
__________________
(١) التهذيب للبغوي ٣ : ٤٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٤٢.
(٢) كذا في جميع النسخ الخطيّة والحجريّة.