أ ـ قد عرفت أنّ الحوالة في التفرّق على العادة ، فلو تبايعا وأقاما سنةً في مجلسهما لم يتفرّقا بأبدانهما ، بقي الخيار. وكذا لو قاما وتماشيا مصطحبين منازل كثيرة ، لم ينقطع الخيار ؛ لعدم تحقّق التفرّق ، وبه قال أكثر الشافعيّة (١).
ولباقيهم قولان غريبان :
أحدهما : أنّه لا يزيد الخيار على ثلاثة أيّام ؛ لأنّها نهاية الخيار المشروط شرعاً (٢). وهو ممنوع.
والثاني : قال بعضهم : لو لم يتفرّقا لكن شرعا في أمرٍ آخر وأعرضا عمّا يتعلّق بالعقد وطال الفصل ، انقطع الخيار (٣). وليس بشيء.
ب ـ التفرّق حقيقة في غير المتماسّين ، وهو يحصل بأن يكون كلّ واحد منهما في مكان ثمّ يتبايعا. لكن ذلك غير مراد من قوله عليهالسلام : « ما لم يتفرّقا » (٤) أي ما لم يجدّدا افتراقاً بعد عقدهما ، فيبقى المراد : ما لم يفارق أحدهما مكانه ، فإنّه متى فارق تخلّلهما أجسام أكثر ممّا كان يتخلّلهما أوّلاً ، فيثبت معنى الافتراق بأقلّ انتقالٍ ولو بخُطوة.
وفصّل الشافعي هنا ، فقال : إن كانا في دارٍ صغيرة ، لم يحصل التفرّق إلاّ بأن يخرج أحدهما من الدار ، أو يصعد أحدهما إلى العلوّ والآخر في
__________________
(١) الوسيط ٣ : ١٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٥ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٣٠٧ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٨٠.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٧ ١٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٤ و ١٠٥ ، المجموع ٩ : ١٨٠.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٧ ١٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٤ و ١٠٥ ، المجموع ٩ : ١٨٠.
(٤) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٢٢ ، الهامش (٢).