بل ينقل إليه من بلدٍ آخر ؛ لإمكان التسليم وقت الأجل ، فكان سائغاً كغيره.
ولا فرق بين أن يكون قريباً أو بعيداً ، ولا أن يكون ممّا يعتاد نقله إليه أو لا. ولا تعتبر مسافة القصر هنا ، وهو قول بعض الشافعيّة (١).
وقال بعضهم : إن كان قريباً ، صحّ ، وإن كان بعيداً ، لم يصح (٢).
وقال آخرون : إن كان ممّا يعتاد نقله إليه في غرض المعاملة ، لا في معرض التحف والهدايا والمصادَرات ، صحّ السَّلَم ، وإلاّ فلا (٣).
أمّا لو أسلم في شيء يوجد غالباً في ذلك البلد وقت الحلول فاتّفق انقطاعه فيه وأمكن وجوده في غيره من البلاد ، فهل يجب على البائع نقله؟ الأقرب : ذلك مع انتفاء المشقّة وعدم البُعْد المفرط. ولا عبرة بمسافة القصر ولا إمكان الرجوع من يومه.
مسألة ٤٧٨ : يجوز السَّلَم في كلّ معدوم إذا كان ممّا يوجد غالباً في محلّه ، ويكون مأمون الانقطاع في أجله وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق (٤) لما رواه العامّة عن ابن عباس قال : أشهد أنّ السلف المضمون إلى أجل مسمّى قد أحلّه الله تعالى في كتابه وأذن فيه. ثمّ تلا قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ) (٥) الآية ، وأنّهم كانوا يسلفون في الثمار السنتين ، والثمار لا تبقى
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥١.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥١.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٠١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥١.
(٤) الوجيز ١ : ١٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٠١ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٣٠٥ ، حلية العلماء ٤ : ٣٦١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٥١ ٢٥٢ ، المنتقى للباجي ٤ : ٣٠٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٠ ، ذيل الرقم ١٠٧٥ ، المغني ٤ : ٣٦٠ ٣٦١ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦١.
(٥) الامّ ٣ : ٩٣ ٩٤ ، مختصر المزني : ٣٨٥ ، سنن البيهقي ٦ : ١٨ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٣٠٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ٣٣٨. والآية ٢٨٢ من سورة البقرة.