وإنّما يحتاج إلى معرفة التساوي فيها.
والجواب عمّا قاله أبو حنيفة : أنّه خطأ ؛ لأنّ المكيل والموزون يجوز أن يكون جزافاً في البيع والصداق ، فلو تعلّق بقدره ، لم يجز. وما استشهد به فإنّما كان كذلك ؛ لأنّ المكيل والموزون ينتقص ولا ضرر فيه ، والثوب ينتقص بقطعه ، فلهذا اختلفا ، لا لما ذكره.
وما قاله الشافعي ضعيف ؛ لأنّا نمنع الاكتفاء بالمشاهدة عن معرفة القدر في بيع الأعيان ، بخلاف المذروع ، فإنّه غير واجب العلم بقدر الذرع وكذا العدد.
إذا ثبت ما قلناه ، فلا بدّ من ضبط صفات الثمن ، فما لا يضبط بالوصف مثل الجواهر والأخلاط لا يجوز أن يكون رأس مال السَّلَم ، وإنّما يجوز أن يكون رأس المال ما جاز أن يسلم فيه.
هذا إذا لم يكن مشاهداً ، وأمّا إذا كان مشاهداً ، فلا حاجة إلى الوصف ، بل تجب معرفة القدر ، سواء كان مثليّا أو لا. وبالجملة ، كلّ ما جاز أن يكون ثمناً جاز أن يكون رأس مال السَّلَم ، فإن لم يعرف صفاته ، عيّنه ، فإن انفسخ السَّلَم ؛ لانقطاع المُسْلَم فيه ، ردّ رأس المال إن كان موجوداً ، ومثله إن كان مفقوداً وله مثل ، وإن لم يكن له مثل ، ردّ قيمته. ولو اختلفا في قدره أو قيمته ، فالقول قول المسلم إليه ؛ لأنّه غارم.
مسألة ٤٩٣ : لو كان رأس المال متقوّماً (١) وضُبطت صفاته بالمعاينة ، لم يشترط معرفة قيمته ، كثوبٍ بعضُ صفاته مشاهدة ، وجارية موصوفة ،
__________________
(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « مقبوضاً » بدل « متقوّماً ». والظاهر ما أثبتناه.