في الذمّة ، فلو أخّر تسليم رأس المال عن المجلس ، لكان ذلك في معنى بيع الكالئ بالكالئ ؛ لأنّ تأخير التسليم ينزّل منزلة الدينيّة في الصرف وغيره. ولأنّ الغرر في المُسْلَم فيه احتمل للحاجة ، فجبر ذلك بتأكيد العوض الثاني بالتعجيل لئلاّ يعظم الغرر في الطرفين.
وقال مالك : يجوز أن يتأخّر قبضه يومين وثلاثة وأكثر ما لم يكن يشترط أو تطول المدّة ؛ لأنّه معاوضة لا يخرج بتأخير قبضه من أن يكون سَلَماً ، فوجب أن لا يفسده ، كما لو أخّره وهُما في المجلس (١).
والفرق ظاهر بين المفارقة قبل القبض في المجلس وفيه ، كالصرف.
مسألة ٤٩٥ : لو قبض بعض الثمن في المجلس ثمّ تفارقا قبل قبض الباقي ، بطل السَّلَم فيما لم يقبض ، كالصرف ، وسقط بقسطه من المُسْلَم فيه. والحكم في المقبوض كما لو اشترى شيئين فتلف أحدهما قبل القبض.
ولو جاءه (٢) المشتري ببعض الثمن في المجلس ، كان للبائع الامتناع من قبضه ؛ للتعيّب بالتشقيص ، بخلاف الدَّيْن ، فإنّ المديون لو دفع بعض الدَّيْن ، وجب على صاحب الدَّيْن قبضه.
ولو كان رأس المال منفعة عبد أو دار مدّة معيّنة ، صحّ ، وكان تسليم تلك المنفعة بتسليم العين.
مسألة ٤٩٦ : لا يشترط تعيين الثمن عند العقد ، فلو قال : أسلمت إليك ديناراً في ذمّتي في كذا ، ثمّ عيّن وسلَّم في المجلس ، جاز.
__________________
(١) بداية المجتهد ٢ : ٢٠٢ ، الذخيرة ٥ : ٢٣٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٩١ ، المغني ٤ : ٣٦٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٣٦٣.
(٢) في « ي » والطبعة الحجريّة : « جاء ».