وهكذا تكاتفت أيدي الشر من أهل الكفر ، والشرك قديما ، وحديثا ، للطعن في القرآن ومن نزل عليه القرآن ، يجمعهم هدف اللغو في القرآن. مصداق قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) سورة فصلت آية ٢٦. ويوحدهم في ضغائنهم جحود الكفر بآيات الله مصداق قوله تعالى : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) الأنعام آية ٣٣.
قال ابن عباس : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يسمى الأمين ، فعرفوا أنّه لا يكذب في شيء ، ولكنهم كانوا يجحدون ، فكان أبو جهل يقول : ما نكذبك يا محمد ، وإنك عندنا لمصدق ، وإنما نكذب ما جئتنا به».
وهكذا رفضوا إلّا أن يعيشوا في متاهات ضلالاتهم ، وسراديب ظلماتهم ، فعميت بصائرهم قبل أبصارهم عن حقائق كتاب الله النورانية ، قتل الإنسان ما أكفره. وقتل أبو لهب ، وهو يقول للرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : لا أقول لك إنّك كاذب ، وإنما ما جئت به باطل. وهكذا تمادوا في افتراءاتهم ، وشبهاتهم ، وأحاطوا بها سمات الإعجاز القرآني ، والنبوي ظلما وعلوّا ، وهكذا رفعوا معاول الهدم الشيطانية ، وتمادوا في حملات النيل من القرآن ، وحملات التشهير بمن نزل عليه القرآن ، وبشكل ممتد ، وعلى امتداد عصور التاريخ منذ فجر الإسلام. فقالوا عن الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : إنّه ساحر مصداق قوله تعالى : (قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ) سورة يونس آية ٢. وقالوا عن القرآن : إن هو إلا سحر يؤثر ، وإن هو إلا قول بشر. مصداق قوله تعالى : (فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) سورة المدثر الآيتان ٢٤ ـ ٢٥. ولكن الله فنّد زعمهم ، وأنذرهم بالعذاب الأليم ، والشراب الحميم إن لم ينتهوا ، ويرعووا ، وأنّى للكافرين أن ينتهوا ، وأنّى للمشركين أن يرعووا. قال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) سورة يونس آية ٤. وقالوا عن الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» : إنه شاعر ، وما القرآن إلّا من خيالات شعره ، وسبحات أفكاره. مصداق قوله تعالى : (بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ