ثانيا : بالنسبة لحديث أبي بكرة فإنه من الاستحالة بمكان أن يعني جواز تبديل شيء من القرآن بما لا يضاده كما يزعمون. أو أنّه يعني التخيير للشخص بأن يأتي من تلقاء نفسه باللفظ وما يرادفه ، أو باللفظ وما لا يضاده في المعنى.
فروايات نزول القرآن على سبعة أحرف إنما تعني فقط التوسعة على الناس بقراءة القرآن بمترادفات من اللفظ الواحد مع ملاحظة أن جميع هذه المترادفات قد نزلت فعلا من عند الله تعالى. وبمعنى آخر فإن تلك الأحاديث إنما جاءت لتوسع على الناس ، فيقرءون القرآن على أكثر من وجه ، أي يقرءون المعنى الواحد بأكثر من لفظ ، وكل يقرأ بالوجه أو اللفظ الذي يسهل عليه التلفظ به. مع العلم أنّ هذه الأوجه أي هذه الألفاظ التي تدلّ على المعنى الواحد كلها نزلت من عند الله تعالى ، وكلها مما وردت به الأحاديث المذكورة ، وهو من معانيها ، وما تعنيه وتدل عليه.
ويدل على ذلك ، وأن جميع مترادفات اللفظ الواحد للمعنى الواحد نازل من عند الله هو قول الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» لكل من تنازع فيها من الصحابة : «هكذا أنزلت». وكذلك قول كل من اختلف من الصحابة فيها لأخيه : «أقرأنيها رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم». وكذلك قوله تعالى لرسوله جوابا لمن سأله تبديل القرآن : (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) سورة يونس آية ١٥.
روى البخاري في صحيحه ، وأحمد في مسنده ، والطبري في تفسيره ، والزركشي في برهانه ، ومسلم في صحيحه ، وأبو داود في سننه ، والنسائي في سنته ، والترمذي في سننه عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : «سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة الرسول «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، فاستمعت لقراءته ، فإذا هو يقرأها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» ، فكدت أساوره في الصلاة ، فانتظرته حتى سلم ؛ ثم لببته بردائه ، فقلت : من أقرأك هذه السورة؟ قال : أقرأنيها رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» قلت له : كذبت ؛ فو الله ، إن رسول الله «صلىاللهعليهوآلهوسلم» أقرأني هذه