تعليلات العلماء
في عدم جواز الترجمة الحرفية للقرآن الكريم.
والمقصود بها نقل القرآن من لغته العربية إلى لغة أخرى ، أي التعبير عن معاني ألفاظ القرآن العربية ، ومقاصدها بألفاظ غير عربية مع الوفاء بجميع هذه المعاني ، والمقاصد. وبعبارة أخرى يقصد بالترجمة الحرفية للقرآن الكريم النقل الحرفي لألفاظه ، ومفرداته ، وتراكيبه العربية إلى أخرى مشابهة لها في اللغات الأخرى. بحيث يكون النظم موافقا للنظم ، والترتيب موافقا للترتيب. أمّا إذا لم يلاحظ النقل الحرفي ، ولم يكن النظم موافقا للنظم ، والترتيب موافقا للترتيب ، وكان هناك نقل لمعاني القرآن بألفاظ يختارها المترجم من لغة أخرى ، فهذه هي الترجمة التفسيرية غير العربية للقرآن ، وليس الترجمة الحرفية له.
ويقرر العلماء : أنّ حكم الترجمة النقلية الحرفية للقرآن الكريم غير جائز شرعا ، بل ومستحيل ، بل وحرام شرعا.
فالقرآن الكريم إلهي ولو أنّه نزل بلغة عربية ، فهو ينفرد بمفرداته ، وألفاظه ، وتراكيبه ، وبلاغته ، وأسلوبه ، ولطائف معانيه. وهو جميعه متواتر متعبد بتلاوته أعجز العرب أن يحاكوه. وقد نزل بلغتهم ، فكيف يمكن ترجمة مثل هذا الكتاب ـ هذه خصائصه اللغوية ـ إلى لغة أخرى غير عربيّة. وتأصيلا لحكم تحريم ، واستحالة الترجمة الحرفية للقرآن الكريم نؤصل جملة تعليلات نستند إليها في توضيح ، وتأصيل حكم هذه الاستحالة ، وهي :
التعليل الأوّل : «إنّ الترجمة الحرفية للقرآن تستلزم وجود مفردات وتراكيب ، ونظم ، وتراتيب ، وروابط لغوية ، وضمائر في اللغة المترجم إليها مساوية لتلك التي في القرآن حتى تحل محلها ، ويحاط بها تماما بجميع معاني القرآن. وهذا مستحيل ، وغير ممكن. ومن ثم فليس هناك لغة على وجه هذه البسيطة تضاهي اللغة العربية في مفرداتها ، وتراكيبها ،