التشابه ، والتماثل فيما بينها إلى حد بعيد إلّا أنّ هذا التشابه ، والتماثل نسبي ، وليس على إطلاقه ؛ وبحيث تبقى هذه اللغات دوما على درجة من الاستقلالية ، والاختلاف عن بعضها ؛ نظرا لاختلاف خصائصها اللغوية. ومن ثم يبقى التماثل ، والتشابه فيما بينها نسبيا ، ولا يمكن تحققه على الواقع النظري. ولذلك يصرح الكثير من المتمكنين في اللغات البشرية أنّ ترجمة النصوص الأدبية من لغة إلى أخرى بصورة دقيقة أمر مستحيل ، وما يتداوله النّاس من ترجمات النصوص أدبية أو وثائقية ، هي في حدّ ذاتها ليست دقيقة ، وليست ترجمة بالمعنى الدقيق ؛ وإنّما يسمونها ترجمة من قبيل التسامح في ميدان نقل المعاني من الأصل المترجم إلى الفرع المترجم إليه. نقول : إذا كان ذلك التشابه ، وإذا كان التماثل متعذرا بين لغات البشر الوضعية ، والتي تجمعها شواهد وحدة عناصر التماثل والمتشابه إلى حدّ بعيد فما بالك بالنسبة للغة القرآن العربية ، والتي نرى ، وباعتراف الجميع من اللغويين ، والعلماء ، تمايزها ، وانفرادها اللغوي تماما ، بحيث يبقيها في منأى عن وحدة عناصر ، وشواهد التماثل والتشابه مع اللغات البشرية ، الوضعية ، حتى العربية منها. وبالتالي تتعذر الترجمة الحرفية لها ، والتي يشترط فيها وجود مثل هذا التشابه ، والتماثل بين اللغات ، وإلى أي من تلك اللغات البشرية في الواقع النظري.
ثانيا : وبالنسبة للواقع العملي : فيكفينا القول : إنّ القرآن ، وللآن ، لم يحصل أن ترجم ترجمة حرفية. بل لم يستطع ، ولم تكن القدرة على ترجمته حرفيا رغم المحاولات العديدة ، ورغم الترجمات الكثيرة التي تمت ، وحصلت للقرآن الكريم. فجلّ هذه الترجمات هي من قبيل التفاسير لمعاني القرآن بلغات أخرى غير عربية ، وهي ليست بقرآن ، وليست ترجمة حرفية له. ونزيد الأمر وضوحا بالقول : إنّ استحالة ، وعدم حصول ترجمات حرفية ، إلى لغات أخرى للقرآن الكريم في الواقع العملي لا تتعلق باللّغات غير العربية ، أو الشعوب غير العربية فقط ؛ وإنّما تكرّست ، وتأكدت شواهد تلك الاستحالة بالنسبة للعرب أنفسهم ،